أَبُو بكر بِمصْر وَكَانَت مُدَّة غيبته من وَقت خُرُوجه الى وَقت عودته الى دمياط تِسْعَة أَيَّام لِأَنَّهُ غزا مِنْهَا فِي خَامِس عشر الْمحرم وقفل رَابِع عشرينه فظفر ببطسة مقلعة من الشَّام فِيهَا ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ علجا مِنْهُم خيالة ذَوُو شَوْكَة وازعة وتجار ذَوُو ثروة وَاسِعَة فَأَخذهُم الله بأيدى الاولياء برقابهم وَمكن الحطم والقصم من صلبهم واصلابهم ومسخ عزة إقدامهم بذلة إحجامهم وَسُيُوفهمْ الَّتِي فِي ايديهم سلاسل فِي أَقْدَامهم وملئت آمال الْمُجَاهدين أَمْوَالًا وأثقالا وانتقلوا بالقلوب خفافا وبالأيدي ثقالا وَبرد مغنمهم بعد مَا تقدمه من حر الْحَرْب وعادوا عَن الْبَحْر الْملح شاكرين لما أوردهم من الشّرْب العذب وَالظفر الثَّانِي وَهُوَ الْبري مَا طولع بِهِ من مصر من نهوض فرنج الداروم الى أَطْرَاف بعيدَة وَهَذِه الْعصبَة ملعونة مقبلة على الْقِتَال مذربة النصال مدربة على النضال لَا تزغ الأعنة وَلَا تنْزع الأسنة تسري فتسبق الصَّباح وتدلج فتستصبح الرماح فَنَذر بهم وَالِي الشرقية فَركب اللَّيْل فرسا كَمَا ركبوه جملا وسروا ثقيلا وسرى رملا فتوافى الْفَرِيقَانِ إِلَى مَاء يعرف بالعسيلة سبق الفرنج الى موردته وَالسَّابِق إِلَى المَاء محاصر الْمَسْبُوق ووردوا زرقه فتعصب لأزرقهم فَظن الْمُؤمن أَن الْكَافِر مَرْزُوق وَاشْتَدَّ بِالْمُسْلِمين الْعَطش وغل ايديهم الدهش فَأَنْشَأَ الله فِي ناجر الهواجر سَحَابَة مَاء صَيْفِي سقاهم بهَا {من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم} وَأمْسك بِهِ ايديهم فاستمسكت على أنصلهم فآبوا إِلَى الفرنج بِقُوَّة انجاد