واستفاضت بِنَا مغافرها وأطاعت عواصي عواصمها وامتلأت المغاني بمغانيها وَظَهَرت الْمَعَالِي فِي معالمها وَلم يبْق الا التوفر على الْجِهَاد بِالِاجْتِهَادِ من سَائِر الْجِهَات وانجاز عدات الله فِي النَّصْر على العداة وَالسَّعْي فِي تملك الْقُدس وافتتاحه وَتَحْصِيل مُرَاد الاسلام وَالنُّزُول على اقتراحه
فصل من إنشائي من أُخْرَى
وَلما تسلمنا حلب وتسنمنا قلعتها وفرغنا شهباءها وسكنا دهماءها باكرنا بالايلاف فألفيناها على الْبكارَة واجتلينا عروسها افقية الانارة روضية النضارة وزفت الينا حسناء لم يغلها الْمهْر وعقيلة لَا يسمح الا لنا بهَا الدَّهْر فقر بهَا سَرِير السرُور وَصفا لأَهْلهَا حبير الحبور وتأصلت فِيهَا أرومة الامور وتوالت النعم من الله فِي وُفُود الوفور وتبلج صبح الْيُسْر وَوجه الْبشر بالاسفار والسفور وغض الظُّلم طرفه وكف العسف كَفه وَقبض الخور يَده وأوضح الْعدْل جدده وَحط الْحَظ لثامه واخذ بالامر نظامه ومجد الشَّرْع احكامه وانجابت الظلماء وطلت الشموس وانفرجت الغماء وَطَابَتْ النُّفُوس وأسقطت الْمَظَالِم وأطلقت المكوس واهتزت الاعطاف من سكر الشُّكْر حِين طافت من الطاف الله على الْأمة الكؤوس
لما فتحنا حلب ودانت لنا معاقلها وزفت علينا عقائلها بقيت حارم مَعَ اُحْدُ المماليك الصغار النورية يُقَال لَهُ سرخك وَقد طمع فِيهَا وَظن انه يحميها
وَذكرت شرح الْحَال فِي فصل من كتاب انشأته وأبدعت مَا أفْضى اليه الامر وأبدأته
وَكَانَت اذ ذَاك حارم بَاقِيَة فِي يَد واليها حامية بِنَار حاميها وَهُوَ مَمْلُوك نورى لَا يسر بِمثلِهِ ثغر وَلَا يشد بكفايته أزر وَهُوَ يراسلنا وَيشْتَرط ويشتط ويرتفع فِي سومه وَلَا ينحط ويبالغ ويغالب ويباعد وَلَا يُقَارب وَلم يدر أَن لَهُ فِي حارم حارما وَأَنه لَا يجد فِيهَا اذا عثرنا عشا وَلَا راخما وَكَانَ من ألطاف الله بهَا انه فِي اثناء سومه ورومه ودورانه