صلحت وَعرف الامراء فَمنهمْ من خجل وَمِنْهُم من وَجل وكل مِنْهُم نَدم على مَا ند من إبائه وَعدم مَا أعده ليَوْم بلائه وَحسب انه يذب عَمَّن يشْكر ذبه وَيُحب من يذكر حبه فَأرْسل إِلَيْهِم السُّلْطَان استزال روعهم وخوفهم واستزاد طوعهم وشوقهم ومدح لجاجهم والتجاجهم وَأحمد ارتياجهم واحتجاجهم وشفع انكسارهم بجبرهم وقرظهم على صبرهم ووعد كل مَعْرُوف بِمَعْرُوف وَبَدَأَ بالاحسان الى كل شرِيف ومشروف وَحَدَّثَهُمْ بِمَا طيب النُّفُوس بعد الْحَادِث الَّذِي شيب الرؤوس وأزال ببشره العبوس وأطلع فِي مَذَاهِب الْمَوَاهِب بعد غي الغياهب من انوار الرشد الشموس وأوجد النعمى واعدم الْبُؤْس
فَوَافَقَ فتح الْقُدس كَمَا ذكره فَكَأَنَّهُ من الْغَيْب ابتكره فَفِي صفر سنة تسع وَسبعين كَانَ فتح حلب وَكَانَ فتح الْقُدس سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ فِي رَجَب وَيُشبه هَذَا انني فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين طلبت من السُّلْطَان جَارِيَة من سبي الاسطول الْمَنْصُور فِي أَبْيَات وَهِي ... يؤمل الْمَمْلُوك مَمْلُوكَة ... تبدل الوحشة بالانس ... تخرجه من ليل وسواسه ... بطلعة تشرق كَالشَّمْسِ
فوحدة الغربة قد حركت ... سواكن البلبال والمس
فَلَا تدع يهدم شَيْطَانه ... مَا احكم التَّقْوَى من الأس
فَوَقع الْيَوْم بمطلوبه ... مِمَّا سبى الاسطول بالامس
لَا زلت وهابا لما حازه ... سَيْفك من حور وَمن لعس ...