قد عسلت ذئابهم ونسلت دبابهم وطنوا فِي لوح الهجير ووطنوا أنفسهم على التشمير وتحركت رجل دبارهم للدبيب وقمشت يَد حَاطِب ليلهم وجالب خيلهم ورجلهم من الْبعيد والقريب وتواثبت أفاعيهم وتجاوبت فِي إطلال عواديهم اصداء دعاويهم وحكموا آراءهم المخدوعة وَلم يعلمُوا أَن شُهُود نصالها تجرح بَيِّنَة دعاويهم وَلما عرفنَا انهم يجولون فِي مكر الْمَكْر ويلوبون حول غَدِير الْغدر وَقد صَارُوا بالبغي بالغي أمد الْبَغي ويكيدون وَمَا قيد مِنْهُم كيد كيدهم قدم السَّعْي وحققنا انهم وهموا وهموا وَلما كروا مَعَ نقصهم حسبوا أَنهم قد تَمُّوا استدعينا ولدنَا تَقِيّ الدّين فَسَار من حماة إِلَى حران فِي خَمْسَة أَيَّام وَقدم مسرعا لمقام الاقدام وَلم نَنْتَظِر اجْتِمَاع جَمِيع العساكر واستغنينا بوصول اوائلها عَن لحاق الاواخر وَلم نرتقب وُصُول نَاصِر الدّين وَلَا حُضُور من غَابَ الى دمشق وَغَيرهَا من الاجناد وَلم نحتج بِحَمْد الله إِلَى الحشد وَالْجمع للانجاد فان الله تَعَالَى ثَبت قُلُوبنَا ثِقَة بنصره وعودنا مزِيد النِّعْمَة بمزيد شكره وأيقنا ان الْحق يقوينا وَالْبَاطِل يصعفهم وَأَن قصدنا الصَّالح يؤمننا وَالنِّيَّة الْفَاسِدَة تخوفهم وَحين علمنَا باجتماعهم صممنا الْعَزْم على فل جمعهم وخرق اجماعهم أشرعت نحوهم الأسنة وأسرعت اليهم الأعنة وَلَوْلَا أَن الْعِيد قد أقبل والعسر بسناه تهلل لَكَانَ فِي الْعَزْم ان نبادر ونفرق تِلْكَ العساكر فأجرانا الله على سنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّصْر بِالرُّعْبِ وفروا على الْبعد قبل أَن تظهر لَهُم مستودعات الْقرب على الْقرب وَكَانُوا قد تشاوروا بَينهم فِي ضرب المصاف فَلم يُوَافق بَعضهم بَعْضًا وَلم يَجدوا لقصورهم وعجزهم فِي أنفسهم إقداما وَلَا نهضا وَعَاد الْموصِلِي إِلَى موصله والمارديني إِلَى معقله وَمضى كل يجر ذيل خجله ويستتر بلَيْل وجله ويراسل معتذرا من نِيَّته الَّتِي مَا اعانه الله بِفِعْلِهَا وراجعا عَن سوء عقيدته الَّتِي سعادته فِي أَن يوفق لحلها وَقد كُنَّا قضينا سنتي الْعِيد من الصلوة والنحر ورحلنا على أَن ظن الْقَوْم مقيمون على الحشد والحشر فَلَمَّا وصلنا إِلَى رَأس عين عرفنَا فرقهم وتفرقهم وتبددهم فِي مهب دبور الادبار وتمزقهم وَكَانُوا تحققوا أَنا نصلي يَوْم الْعِيد ونرحل فرحلوا يَوْم عَرَفَة ونفروا قبل يَوْم النَّفر ولقوا فِي ليل ذعرهم يَوْم