فِي بِنَاء حصن على مخاضة بَيت الأحزان وبذلوا فِي أَحْكَامه مَا دخل فِي الامكان وأحكموا بُنيان ذَلِك الْمَكَان وَكُنَّا نقُول للسُّلْطَان مَتى أحكمهذا الحصنتحكممن الثغر الإسلامي الوهن وعلق الرَّهْن فان بَينه وَبَين دمشق مَسَافَة يَوْم وَمَتى خلينا أهل الْكفْر بمالهم فِيهِ من روم لم يخل فِي الْإِسْلَام مَعَ الْإِثْم من ذمّ ولوم فَيَقُول إِذا أتمون واحكموه وظنوا أَنهم من الْحدثَان أذموه وعصموه رحلنا إِلَيْهِ ونزلنا عَلَيْهِ وهدمناه من الأساس وجعلناه من الرسوم الأدراس وغنمنا أسبابهم وضربنا رقابهم فندعهم الْآن حَتَّى يستنفدوا فِيهِ أَحْوَالهم وينفقوا أَمْوَالهم ويتعبوا رجاءهم ورجالهم فَإِذا قصدناهم عكسنا آمالهم وأنحسنا مآلهم فَنَقُول منعم من الأبتداء أسهل من الدّفع فِي الِانْتِهَاء وغذا فَاتَ الفارط لَا يسْتَدرك وَهُوَ الْآن هَين فَلَا يتْرك وَإِذا خرج مَا فِي الْيَد فَمَتَى يملك وَهُوَ صابر بِقُوَّة دينه سَاكن بِنور يقينه كَأَنَّمَا كشف الله لَهُ عَن سر الْغَيْب فأقداره على كشف ذَلِك الريب فَإِن الْعَاقِبَة الحميدة بعد سنة كَانَت على مَا جرى على لَفظه من عدَّة حسنه
فَلَمَّا انْفَصل أَمر بعلبك وَخرج ابْن الْمُقدم مِنْهَا وتعوض بِمَا تسلم من الْبِلَاد عَنْهَا وَوصل السُّلْطَان إِلَى دمشق بهَا مُسْتَقرًّا وعَلى عوائده فِي الْعدْل وَالْإِحْسَان مستمرا لم يزل أَمر الْحصن من همه وَقصد حصاره فِي عزمه
وَكَانَ الْعَام مجدبا والجدب عَاما وَالشَّام لروائح الجوانح شآما وللأسعار أسعار وللأسرار استشعار وللأقوات أقواء وللغلات غلاء وللبلاد بلَاء وللسوء اسْتِوَاء وللضراء استضراء وللشر استشراء وعَلى الْعباد من ثقل الْمحل أعباء وللرجال من لطف الله رَجَاء وَإِلَى عطفه التجاء وَمن الْعُيُون بالدموع استسقاء وللأيدي بالخشوع فِي رَفعهَا إِلَى الله استعداء واستدعاء على أَن الأيادي السُّلْطَانِيَّة نابت عَن الأنواء وَنَادَتْ فِي الأندية بالأناء وعارض سماحها عَارض السَّمَاء وَخص بخصبها الرعايا بالأرعاء وَأمن من الأجداب بالأجداء وَمن الأعطاب بالإعطاء وأزل الْأَزَل ومحا الْمحل وأباح الأهراء وباح السَّرَّاء وأزاح الضراء وأراح بالاغناء الْفُقَرَاء وَأطلق جوده وَقد احْتبسَ الْجُود وتكرر مِنْهُ بعد الْبَراء الْعود فرتعنا من احسانه فِي