وأمّا الصّواب ففي الحال التى بين الحالتين.
وقال الله عز ذكره: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [1] .
وهذا البعض هو ذلك الكثير الذي ذكره؛ لأنّ قليل الكثير ربّما كان كثيرا.
وقيل لثقيف: بما بلغتم المبالغ [2] ؟ قالوا بسوء الظّنّ. وإلى ذلك ذهب الشاعر [3] حيث يقول:
أسأت إذ أحسنت ظنّي بكم ... والحزم سوء الظنّ بالناس
وذلك على قدر ما تصادف عليه الزّمان، وتشاهد من حالات النّاس.
وليس سوء الظّنّ في الجملة بالمذموم، ولا حسن الظّنّ بالمحمود، وإنّما المحمود من ذلك الصواب على قدر الأسباب القويّة والضعيفة، والذي يتجلّى للعيون من الأمور المقرّبة، وعلى ما جرت عليه العادة والتّجربة.
ولقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ [4] .
اعلم أنّه لم يرد تصويب ظنّ إبليس. وليس مذهب الكلام وصف