فأجابه بقَولِهِ: حَاضِرٌ.
فَأنَّبَهُ بِقَوْلِهِ: تَرَكْتَ فِلَاحَتَكَ تَهْلَكُ عُشْبَاً! ألَا تجْلِسْ لِلْحِرَاثَةِ، وَتَدَعُ الذَّهَابَ إِلى النَّاسِ، فَقَدْ شغَلْتَهُمْ عَنْ فَلَائِحِهِمْ؟ !
فَأجَابَ بِقَوْلِهِ: كَذِبٌ ـ بَارَكَ اللهُ فِيْكُمْ ـ مَا مَشَيْتُ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مُتَهَدِّدَاً لِابْنِ مُدَيْهِشْ، يَقُوْلُ: إِيْهاً يَا بْنَ مُدَيْهِشْ! يَوْمَاً بِ «المِسْتِجِدَّةِ» (?)، وَيَوْمَاً بِ «وهطان» (?)! ! أَلَا تَتَّقِيْ اللهَ فِيْ نَفْسِكَ مِنْ تَعْوِيْقِ النَّاسِ عَنْ فَلَائِحِهِمْ وَشُغْلِهِمْ! ؟
فَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ البَّاحُوْثِ: أَنْتَ صَنَمُهُمْ! تَدْهَنُ لِحْيَتَكَ، وَتَذْهَبُ تَدْجُلُ عَلَى النَّاسِ! .
وكان هذا معروفاً بالخوارق، ويُجْرِي اللهُ على يَدَيْهِ عَجَائِبَ، قال مرَّةً لابْنِهِ: تُرِيْدُ هَذَا العُصْفُورَ، فقُمْ فَخُذْهُ، وكان لايُطَاقُ إلا ببُنْدُقِيَّةٍ، فقَامَ وأخَذَهُ بِيَدِهِ.
ثُمَّ سَكَتَ [الأميرُ] قَلِيلاً، ثُمَّ تكلَّم يقُوْل: أينَ ابْن ثُوَيْنِي؟ إنَّك تُسَابِقُ إمامَ مَسْجِدِكُمْ ابْنَ سَيْفٍ فِي الإمَامَةِ، تَؤُمُّ وَهُوَ إِلى جَانِبِكَ، فَأَعْرِضْ وَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ.