الجملة دون غيرها من الجمل وكذلك شفاؤه إذا مرض واختصاصه بإماتته وإحيائه بعد الموت وتعليق الطمع به تعالى وحده في مغفرة خطيئته يوم الدين، هذا الكلام صدر عن خليله أعلم العالمين به مستدلا به على إلهيته تعالى وحده والبراءة مما عبد من دونه من الأنداد والآلهة على اختلافها وتنوعها وحكاه الله تعالى عنه مثنيا عليه به مقررا له راضيا به عنه فهذا حال أنبياء الله وأوليائه عليهم الصلاة والسلام، فليت شعري ماذا يقول الملحدون في مثل هذه الآيات الكريمة؟ وسيأتيك إبطال تأويله الفاسد الذي مر في حكاية كلامه آنفا وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (?) وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون} (?) إلى قوله تعالى: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} فإن في هذه الآيات من تقرير الاختصاص بالتدبير والتصريف في الكليات والجزئيات مع اختلاف أنواعها والاستدلال بذلك عل إلهيته وحده لا شريك له ما لا يتسع لتقريره هذا الموضع واللبيب يدرك ذلك بمجرد تلاوة هذه الآيات وكذلك الحال في قوله في سورة الواقعة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} إلى قوله: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ} (3) ، وكذلك قوله: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} (?) ففي هذه الآية أعظم دليل وأقوى حجة على إبطال من زعم أن أرواح الأنبياء والمشايخ تصرفا وتدبيرا وذلك من وجوه ظاهرة متعددة في الآية، وكذلك قوله تعالى: