جل ذكره أن يذكروا هذه النعمة العظيمة وهي اختصاصه وتفرده بخلقهم ورزقهم من السماء والأرض.
والرزق والخلق يدخل تحتهما كل تدبير وتصريف من الأمور الباطنة والظاهرة ولذلك قال بعده هذا: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} فاستدل بربوبيته وعمومها وعلى إلهيته ووجوب عبادته وطاعته ثم قال: (فأنى تؤفكون) إنكارا عليهم فيما صنعوه من الإعراض عن عبادته والاعتراف بإلهيته مع قيام برهانها الأكبر ودليلها الأعظم وهو ما ذكر في صدر الآية وهو سبحانه كثيرا ما يستدل بربوبيته وخالقيته ورازقيته على ألهيته وعبادته كما قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (?) وقال جلت قدرته: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (?) ، وقال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (?) ، فلو قيل: بأن غيره يتصرف لكان هدما لهذا الأصل وإبطالا لهذا البرهان، وقال تعالى عن خليله إبراهيم أنه قال لقومه: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِين الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (?) .
أنظر إلى ما تضمنته هذه الآيات (?) الكريمة من تقرير بعض أفراد ربوبيته تعالى لخليله إبراهيم أفضل الرسل بعد نبينا عليهما الصلاة والسلام من خلقه وهدايته واختصاصه تعالى بإطعامه وإسقائه وما معنى إقحام (?) ضمير الفصل في هذه