وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (?) فأثنى على نفسه بعموم ربوبيته المتضمنة لخلقه وتدبيره وإلهيته، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?) .
وتأمل هاتين الآيتين كيف استدل فيهما بفعله وتدبيره وخلقه وتصريفه على وجوب عبادته وتحريم اتخاذ الأنداد له وخص ما ذكر في الآية (الأخيرة) لأنه أصل يندرج تحته ما سواه من الجزئيات ولأنه مشاهد محسوس يدركه كل أحد حتى البليد الذي لا يدرك سوى الحسيات ولما في ذلك من بديع الصنع والإتقان وظهور القدرة والشأن فجعل الأرض فراشا والسماء بناءا مع عظمهما وسعتهما وما أودع فيهما من الآيات عجائب المخلوقات وأنواع التدبيرات الكليات والجزئيات ما يدل على انفراده تعالى واختصاصه بهذا الأصل العظيم.
وفي (?) ذلك من إنزال المطر من السماء على التصريف المخصوص والتدبير المتقن المحكم وجعله أصلا لمادة أرزاق المخلوقات على اختلاف أجناسها وأنواعها وتباين أصنافها وأشكالها ما يدل على أن الله هو المنفرد بالتصريف والتدبير وحده لا شريك له فبطل بنص هذه الآية وعمومها ما زعمه هذا الملحد.
أما السماء والأرض وما بينهما من المخلوقات والأرزاق فبطريق التخصيص والعموم وما عداهما فبطريق الفحوى والأولى وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ