نعمته عليهم، هذا لو فرض ثبوت ذلك في حال الحياة فكيف ذلك (?) ، قد ردته النصوص والبراهين وكونهم يذكرون الله قياما وقعودا ويفنون به عما سواه ويسمعون به ويبصرون ويبطشون فهذا يفيد تحقيق التوحيد ون أعمالهم وحركاتهم خالصة لله وقعت بالله ولله فهم قد حققوا معنى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?) ، وهذا هو محض الإسلام وجزيل الفضل والإنعام.
وأصحاب هذه الأحوال وهذه المقامات تبقى كرامتهم في الدار الآخرة بمعنى إثابتهم وعلو درجتهم ولذتهم بما حصلوه من حقائق المعارف ولطائف الكرامة (?) وقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (?) يدل على هذا كما ذكره البيضاوي ونقله عنه الفارسي لكنه وضعه في غير موضعه واستدل به على غير ما سيق له فإن المعنى الذي دل عليه كلام السلف أنهم لا خوف عليهم مما أمامهم يقدمون عليه ولا يحزنون على شيء مما خلفوه وهذا لا دليل فيه على أن أحدا يعلم الغيب، ثم ساق الفارسي آثارا تروى في عرض بعض أعمال الأحياء (?) على أقاربهم وعشائرهم، من الموتى كحديث أبي أيوب وحديث جابر وحديث النعمان والمعنى متقارب، وهذا لا يدل على الدعوى بوجه من الوجوه لأنه من جنس اطلاع الحي على بعض الجزئيات، والكلام والبحث إنما هو في الكل والجميع لا في بعض الجزئيات وليس هذا الجزئي ثابتا لكل أحد من الأموات فإن الأحاديث لا عموم فيها ولا تدل عليه بل هي خاصة باطلاع البعض على بعض الأعمال لا كلها.