فإن هذا فيه دعوى نفي الإجابة فقط مع بقاء أصل السماع لئلا يتحد فعل الشرط وجوابه، والأظهر أن سماع الميت مقيد بحال دون حال لا في جميع حالاته كما يشير إليه قول قتادة من أهل القليب، وحال الأموات يختلف اختلافا كبيرا (?) .
وللأرواح بعد مفارقة هذا الجسم شأن لا يحيط بتفصيله إلا الله تعالى، وأيضا فالفرق بين القرب والبعد ثابت عند الأئمة (?) القائلين بسماع الموتى، ومن زعم أم الاستمداد منهم جائز لا يفرق بين القريب والبعيد كما هو مشاهد ممن يدعوا الأنبياء والصالحين ويستمد منهم، وأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم قد ثبت أنه يبلغ صلاة أمته مع البعد عن قبره ولا يسمعه فكيف بغيره؟ والاستمداد من الأموات هو أصل شرك العالم وضلالهم (?) كما ذكر غير واحد في تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} (?) .
فإن هذه الأسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح فماتوا فعكفوا على قبورهم وصوروا تماثيلهم بقصد التشويق إلى العبادة ومحبة الصالحين فلما مات أولئك ونسي العلم قال من بعدهم إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
وهو كما ترى صريحا (?) في أنهم عبدوا لأجل الاستمداد واستسقاء