هذا شأنه نخصك بالعبادة والاستعانة ليكون أدل على الاختصاص والترجي من البرهان إلى العيان والانتقال من الغيبة إلى الشهود وكان المعلوم صار عيانا والمعقول مشاهدا والغائب حاضرا إلى آخر عبارته. وأراد بهذا توجيه الالتفات إلى الخطاب من الغيبة وهو صريح في أن العبد يطلب منه هذا ويجب عليه لأن تخلف المدلول إخلال بهذا الواجب ونقض لهذا العهد.
وقول الجاهل: إن هذا تعليم بطريق السلوك والسلوك مبدأ ومنتهى ففي المبدأ ذكر الله عبادته وطاعته وفي الانتهاء فناء عما سواه وعن فنائه فلم يبقى إلا الله وجميع الأشياء الكونية يردها العارف الواصل إن أراد بهذا الكلام ونحوه. إن هذا خاص بأناس أهل السلوك وأرباب الطرائق، وإن غيرهم من الخلق وسائر المسلمين لا يجب عليهم تخصيصه بالعبادة والاستعانة فهذا جهل يضحك منه العقلاء ولم يقل هذا أحد ممن يعرف ما يخرج من بين شفتيه إلا أن يكون مكذبا متلاعبا. وكلام المفسرين وأهل العلم يرد ما قال هذا المعترض، ويدل على ما قاله المسلمون من وجوب عبادته تعالى وحده ووجوب الاستعانة به وحده في هذه الآية وعلى زعم هذا يقال في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?) ، إن العبادة تخصه تعالى في حال دون حال لأن هذا مقام تعليم لطريق السلوك وفيه فناء عن السوي، وهذا انسلاخ من الدين وتكذيب لنص الكتاب المبين. وأما قوله: فلأن حق العابد أن لا يلاحظ وقت العبادة غير معبوده فالاستعانة لغيره تعالى فيها ممنوعة ولكن لا تدل على أن