الجمع بين التوكل والاعتماد والعبادة والإنابة. وإذا كان التوكل والاعتماد في العبادات وغيرها شرطا (?) في حصول الإيمان كما في قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} (?) .
فالاستعانة به في نيل المطلوب ودفع المرهوب أصل وشرط في حصول الإيمان المطلق لما بينها وبين التوكل من التلازم فتسلم أن الفاتحة فيها التعليم للسلوك والوصول وهذا هو دين الإسلام ومعرفة سلوك الصراط والوصول إلى الله هو أصل الدين الذي يجب التزامه، ومتى جاز للعبد أن يخرج عن هذا السلوك وطلب هذا الوصول في حال من الأحوال؟ حتى يقال: إن هذا مخصوص فإن العبد كلف بطريق السلوك وطلب الوصول إلى الممات كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (?) ومتى بقي في قلب العبد ملاحظة واستعانة بالوسائط فهو على درجتين إما أن يلاحظ ما جرت به الأسباب العادية مما هو في طاقة الخلق وقدرتهم فالاعتماد على هذا والتعلق به ينقص الإيمان الكامل وتنحط به درجة العبد لكن لا يخرج به عن الإسلام إذا كان أصل اعتماده وتوكله على الله لا على غيره.
وأما ملاحظة السوي والوسائط في غير الأسباب العادية كالذين يلاحظون أرواح الأنبياء والأولياء ويرجونهم ويستمدون منهم هذا هو الشرك الأكبر الذي لا يجامع أصل الإيمان ولا يطابق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والبراءة من هذا ونفيه هو الصراط المستقيم الموصل إلى الله وإلى جنته ومرضاته.
وعبارة البيضاوي التي نقل هذا عنه تدل على هذا وتقرره لأنه ذكر أن الله تعالى خوطب بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} بعد ذكر الحقيق بالحمد ووصفه بما تقدم من الصفات التي اختص بها، فلهذا خوطب بذلك أيا من