وما نقله عن القاضي في الكلام على قوله تعالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} يؤيد ما قلناه ويرد على من قال: إن الروح عرض يفنى بفناء البدن.
وأما قوله: وإن أرادوا وقالوا بكرامتهم تصرفاتهم في النشأة الأولى وأما بعد مفارقة الأرواح لا تصرف لهم ولا كرامة وعليهم البيان، فنقول: قد تقدم البيان، والفرق بين التصرف المثبت وهو ما جرت به العادة من أعمال العباد وكسبهم (?) وتقدم الكلام على الكرامة وأنها ليست كما يظنه الجاهلون أنهم ينفعون ويضرون ويتصرفون وتقدم من الأدلة ما فيه الكفاية لمن أراد الله هدايته، ومن يضلل الله فلا هادي له.
ومن عجائب جهله أنه يقول: ليس لهم دليل على هذا لا في الكتاب ولا في السنة وأقوال السلف انتهى.
والجاهل يخفى عليه الحق ولو كان واضحا في نفسه.
ثم قال المعترض: من الشبهات التي تدور على ألسنة المنكرين أن العبد لابد له أن لا يستعين بغيره تعالى ففي الفاتحة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لأن معناها نخصك بالعبادة والاستعانة فكما يجب على العباد تخصيصه تعالى بالعبادة كذلك يجب عليهم تخصيصه بالاستعانة فلا يعبدوا إلا إياه ولا يستعينوا إلا به (?) تعالى، هكذا زعم هذا المعترض أن هذه شبهة وكذب في ذلك فإن هذا هو الحق الذي نطق به القرآن في مواضع وجاءت به السنة وعلم وجوبه بالضرورة من دين الإسلام وبالفطر المستقيمة، لكن هؤلاء اجتاحتهم