الأموات، والحياة البرزخية الثابتة للشهداء ونحوهم مقيدة لا مطلقة.
وعلى كل فهذا الفارسي لم يفرق بين الحياة وبين الإحساس بالألم والعذاب ولذلك استشكل وأثبت حياة البرزخ للكفار والفساق كما ثبت للشهداء وأمثالهم وزعم أن نفي التصرف في والتدبير عن الميت نفي للحياة يلزم منه نفي الإحساس. وإن أريد أن لهم حياة مساوية للحياة الدنيوية الحسية، وإن حال البرزخ كحال الدنيا، فهذا كذب بحت ومكابرة للعقل والحس بل ولكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (?) وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (?) وقال جلت قدرته: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (?) وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (?) والآيات في هذا كثيرة.
وفي الحديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وقد تقدم الحديث.5
فأي فائدة لخلط هذا المعترض وتشبيهه مع وجود هذه النصوص؟ وما أظن أنه فعل هذا إلا لقصد الخديعة والتمويه على الجهال أو هو من أصحاب الجهل المركب الذين وصف الله أعمالهم بقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (?)