وإياك والمصادر والمباني التي هي غير مقصودة ولا معهودة، كما قال بعضهم للرشيد: أحسن الله إنابتك؛ فقال: وعجل الله إماتتك.

وارتك التعقيد والتقعير، وهو التكلف بالوحشي، مثل قول زهير: وليس بحقلد. وقول أبي تمام: يجهضمه.

ولا تعقد المعاني فتحوج إلى كشف، فإن أحسن الشعر ما سبق معناه إلى القلب مع لفظه إلى السمع.

وليكن كلامك سليماً من التكلف، بريئاً من التعسف، وليحط لفظك بمعناك، وليشتمل على مغزاك؛ فإن البلاغة سرعة جواب في صواب، وأن تقول فلا تبطئ، وتصيب فلا تخطئ. والعي إكثار في إعذار، وإبطاء في أخطاء، كما جاء في المثل: سكت ألفإن ونطق خلفاً.

وقدر اللفظ على قدر المعنى، لا زائداً عنه ولا ناقص كما قيل في مدح بعض الكتاب: كأن ألفاظه قوالب معانيه، وقيل في آخر: كان إذا أخذ شبراً كفاه، وإن، أخذ طوماراً ملاه.

واستعمل التطويل في مكانه، والتقصير في مكانه، فقد قيل: إن الإيجاز إذا كان كافياً كان التطويل غثاً وإن كان التطويل واجباً كان التقصير عجزاً فإنك تصل إلى ما وصلوا إليه، وتقدر على ما قدروا عليه. وإياك أن تفرط أو تفرط؛ فإن فرطت قصرت، وإن أفرطت كثرت. وخير الأمور أوسطها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015