ومن ذلك قوله لسعيد: ما اسمك؟ قال: سعيد، فقال: على الأعداء.
وسأل المهدي السيد الحميري: ما اسمك؟ فقال: أنت السيد يا أمير المؤمنين. وهذا من الأدب إذا كان اسم المسؤول من صفات السائل.
وقال معاوية لسعيد بن مرة: من أنت؟ فقال: أنا ابن مرة وأنت السعيد يا أمير المؤمنين.
وقيل للعباس رضي الله عنه: أيما أكبر: أنت؟ أو النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: أنا أسن: والنبي صلى الله عليه وسلم أكبر.
وقيل للمهلب: أيهما أشجع الناس؟ قال: فلان؛ فقيل له: فما تقول في عبد الله بن الزبير؟ قال: سألتموني عن الإنس، أو عن الجن.
اعلم أن المبادي والمطالع كما قال بعض الكتاب: أحسنوا الابتداءات؛ فإنها دلائل البيان، وقالوا: ينبغي للشاعر أن يتحرز في ابتداءاته مما يتطير منه، ويستحقر ن الكلام، خاصة في المدائح والتهاني.
وأنكروا على أبي نواس قوله في أول قصيدة مدح بها البرامكة:
أربع البلى، إن الخضوع لباد
فلما انتهى إلى قوله:
سلامٌ على الدنيا إذا ما فقدتم ... بني برمكٍ من رائحينَ وغادِ
إستحكم تطيرهم، وقيل إنهم نكبوا بعد ذلك بأسبوع واحد.
ولذلك تطير المعتصم لما مدحه ابن إبراهيم الموصلي بقوله:
يا دارُ غيرك البلى ومحاك ... يا ليتَ شعري ما الذي أبلاكِ!