كأنيَ لمْ أركبْ جواداً لغارةٍ ... ولم أتبطنْ كاعباً ذات خلخال

ولم أسبأ الزق الرويّ ولم أقلْ ... لخيلي كري كرةً بعد إجفال

قال النقد: هذا فاسد، لأنه جعل الغزل مجاوراً للشجاعة في البيتين، والأجود مجاورة الشجاعة للشجاعة والغزل للغزل، فيقول:

كأني لمْ أركبْ جواداً ولم أقلْ ... لخيلي: كري كرةً بعد إجفالِ

ولم أسبأ الزقَّ الرويَّ للذةٍ ... ولم أتبطنْ كاعباً ذات خلخالِ

ومنه قول المتنبي:

وقفتَ، وما في الموتِ شكّ لواقفٍ ... كأنك في جفنِ الردى وهو نائم

تمر بكَ الأبطالُ كلمى هزيمةً ... ووجهك وضاحٌ وثغرك باسمُ

فقيل إن سيف الدولة قال للمتنبي: هذا فاسد المجاورة، لأنك أتيت بالتشبيه قبل ذكر المشبه، والأجود أن تقول:

وقفتَ، وما في الموتِ شكّ لواقفٍ ... ووجهكَ وضاحٌ وثغرك باسمُ

تمر بكَ الأبطالُ كلمىَ هزيمةً ... كأنك في جفن الرددى وهو نائم

فقال المتنبي: أيد الله مولانا الأمير أن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنإ ومولانا يعلم أن الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك، لأن البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه، لأنه هو الذي أخرجه من الغزلية إلى الثوبية، وإنما قرن امرؤ القيس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015