وكتب بعضهم إلى صاحب له: ارضَ بما حكم بالحق في أمرك أكن بالمكان الذي أنزلتني به الحق بيني وبينك. وقلت في هذا الباب1 "من المجتث":
أسرفت في الكتمان ... وذاك مني دهاني
كتمت حبك حتى ... كتمته كتماني
ولم يكن لي بد ... من ذكره بلساني
ما عيب من ذلك: كُتب إلى بعض أهل زماننا: أطال الله بقاءك، منشئاً لك ريح2 عز لا يعدم هبوبها، ومطلعاً لنعمتك شمس نصرة يؤمن غروبها وأراك أمنيتك ببلوغكها3، قد جعل الله إبداءك وإعادتك في الجود أذاناً وإقامةً يدلان العفاة إلى مباءتك للري من ساحتك، ولما رأيت ذكرك عطراً، ولمن رجاك سترًا، جئتك ظامئًا مستقيًا ماء أنعمك4، وغير غرو أن أكون ممن يمدحك بمبلغ طاقته وفرط محبته، فإن رأيت أعزك الله أن تقرأ رقعته5، وليكن شعره فعلت إن شاء الله، وصلى الله على محمد نبيه والسلام كثيراً، وفي هذا الباب استعارة وتعقيد أيضاً على بغضه كما ترى.
وكتب الحسن بن وهب إلى صديق له استزاره: لما أذن الله في النهوض إليك أحدث القدر ما لم أكن أحتسبه من شغل يعم قلبي، فلا أجد بقية تتذوقك فكرهت أن آتيك على هذه الحال، فيكون نظري إليك حسرة يجلجلها6 الضمير؛ إذ كان الشغل حاجبًا على استقصائك7 بكنهك8.