ومنهم من قال إنَّ ذكر الليل على سبيل التأكيد1.
وذكر الفيروز آبادي قولا لم أجد من قال به سواه, وهو أن المراد بأسرى بعبده سَيَّره2 أي سَيَّره ليلاً.
ومع كثرة القائلين بالأول إلا أننا نجد أحمد بن المنير قد تعقب الزمخشري فيما ذهب إليه من أن ذكر الليل بلفظ التنكير لتقليل مدة الإسراء فقال: "وقد قرن الإسراء بالليل في موضع لا يليق الجواب عنه بهذا كقوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} 3, وكقوله تعالى: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً} 4. فالظاهر والله أعلم أنَّ الغرض من ذكر الليل، وإن كان الإسراء يفيده تصوير السير بصورته في ذهن السامع, وكأن الإسراء لما دل على أمرين: أحدهما السير, والآخر كونه ليلا أريد إفراد أحدهما بالذكر تثبيتا في نفس المخاطب وتنبيها على أنه مقصود بالذكر" 5.
ولعل فيما ذكرته من أمثلة- وهي قليل من كثير- ما يغني ويكفي في بيان هذا النوع من البدهيات.
وإني لاعتقد أنه لو تصدى أحد لجمع البدهيات اللغوية في القرآن الكريم ودرسها دراسة بلاغية شاملة لجاءت في رسالة علمية عالية مفيدة.