على أنهم كانوا تحته، وحينئذ يفيد هذا الكلام أنَّ الأبنية قد تهدمت وهم ماتوا تحتها"1. وقال بهذا ابن حيان في تفسيره2.
5- قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} 3.
والإسراء من السُّرى كالهُدى وهو سير عامة الليل4, وإذا كان الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل هنا.
وقف كثير من المفسرين عند هذا المعنى وكأنهم اتفقوا على التعليل بأنه أراد بقوله ليلا بلفظ التنكير تقليلَ مدة الإِسراء, وأنه أُسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة5.
ومال ابن عاشور في تحريره إلى أنه ذكر الليل للتوسل بذكره إلى تنكيره المفيد للتعظيم. فتنكير (ليلاً) للتعظيم بقرينة الاعتناء بذكره مع علمه من فعل "أَسْرَى", وبقرينة عدم تعريفه، أي هو ليلٌ عظيم باعتبار جعله زمنا لذلك السّرى العظيم, فقام التنكير هنا مقام ما يدل على التعظيم، ألا ترىَ كيف احتيج إلى الدلالة على التعظيم بصيغه خاصة في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ, وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} 6, إذ وقعت ليلة القدر غير منكرة 7.