إن علماء أهل السنة عندما يقولون: لا عقل مع النقل، لا يقصدون منه: أن تأخذ النقل بلا عقل وما قدمنا يدل على أن العقل ضرورةٌ وأساس للتكليف فكيف يفهم كلام ربنا وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بلا عقل؟! فقولهم: (لا عقل مع النقل) أي: لا تقدم عقلك على النقل لا تجعل عقلك قاضياً على كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك قولهم: (لا اجتهاد مع النص) ليس معناه أن تأخذ النص بلا اجتهاد ولا تفكير…، وإنما معناه: لكن لا تجتهد اجتهاداً مضاداً للنص.
فمثلاً لو قرأت قوله صلى الله عليه وسلم: (الوضوء ثلاثاً، فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم) فالواضح من هذا الحديث: أنه لا يجوز الزيادة على ثلاث مراتٍ في الوضوء، فمن زاد على ثلاثٍ، فقد أساء وتعدى وظلم، فإذا جاء آتٍ وقد قرأ مثلاً حديث علي بن أبي طالب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً) فقال: على الإنسان أن يتوضأ ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً حتى يعلم أنه قد أسبغ الوضوء! هذا اجتهاد مراده في هذا الكلام أن تسبغ الوضوء في النهاية، ولو أدى إلى تكثير مرات الغسل، فحينئذٍ نقول له: لا اجتهاد مع النص بمعنى لا اجتهاد مضاد للنص، وليس المعنى: خذ النص بلا اجتهاد.