وظاهر الحديث أن ذلك مشروع قبل أن يجلس فإن خالف وجلس فصرح جماعة بأنه لا يشرع له التدارك (?)، وفيه نظر لما رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي ذر أنه دخل المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَرَكَعتَ ركعتَيْن؟ " قال: لا، قال: "قُمْ فاركعهما" (?) وترجم عليه ابن حبان أن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس، وكذلك ما سيأتي من قصة سُليك الغطفاني (?).

وقال المحب الطبراني (?): يحتمل أن يقال: وقتها قبل الجلوس وقت فضيلة، وبعده وقت جواز، أو يُقَال: وقتهما قبله أداء وبعده قضاء، ويحتمل أن مشروعيتهما بعد الجلوس على ما إذا لم يَطُل الفصل، وقد أخرج ابن أبي شيبة حديث أبي قتادة من وجه آخر: "أعطوا المساجد حقها، قيل: وما حقها؟ قال: ركعتين قبل أن تجلس" (?).

[وبقي الكلام فيمن يكثر تردده إلى المسجد (?) ويتكرر هل تتكرر عليه التحية؟ قال بعضهم: لا، وقاسه على الحطابين والفكاهين المترددين إلى مكة في سقوط الإِحرام عليهم. والحديث يدل على تكرار التحية بتكرار الدخول، قلتُ: والقول بالتكرار أولى (?)، وهل يدخل في ذلك من دخل المسجد ولم يجلس؟ ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل. . ." إلخ أنه يدخل في عمومه المجتاز، ونازع في ذلك ابن دقيق العيد (?) لظاهر قوله، صلى الله عليه وسلم: "فلا يجلس حتى يصليَ ركعتَيْن" لأنه علَّق النهي عن الجلوس بالصلاة فإذا لم يكن جلوس انتفى النهي، وقيل: وفيه نظر لأن الجلوس بخصوصه ليس هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015