والشكر في اللغة: بمعنى الحمد الاصطلاحِيّ، وفي الاصطلاح: هو صرف العبد جميع ما أعطي في الجهة التي أُعطِي لأجلها، كصرف النظر في مطالعة المصنوعات للاستدلال على وجود الصانع، ومعرفة آثار صنعته، وتصرفات حكمته، ونحو ذلك في السمع وغيره من الحواس الباطنة والظاهرة (أ)، والتقرب إليه بإفاضة ما أفيض عليه من النعم الدنيوية في جهات مرضاته، فحينئذ الحمد والشكر ليستا (ب) عبارة عن قول القائل: "الحمد لله"، "الشكر لله"، وإنما ذلك (جـ) اللفظان فردان من أفرادهما إذ قد حصل بهما استعمال اللسان في النطق بما خلقت له من الذكر لله تعالى.
والحمد مصدر حذف فعله لسده مسده وكان أصله النصب، ولكنه عدل إلى الرفع للدلالة على الدوام والثبات، والمصدر دال على الماهية والحقيقة دون الأفراد، وعَرَّفَ باللام لتعيينها، وأفاد حصر المبتدأ في الخبر أن هذه الماهية مختصة بالكون لله تعالى، فلا يشذ فَردٌ من أفرادها عن ذلك، إذ الماهية موجودة بوجود الفرد.
واللام في "لله": للاختصاص، ففي هذا التركيب دلالتان (د) على اختصاص الحمد بالله، إحداهما: تقديم المبتدأ المُعَرَّف، وهو يدل على الاختصاص الثبوتي بمعونة (?) المقام، والثاني: هو لام الجرّ، وهو يدل على الاختصاص الإثباتي (?)، وبينهما فرقٌ واضح، فإنه لا يلزم من الثاني القَصر بخلاف الأول.