وحُكي عن عروة بن الزبير، وسفيان الثوري، وأحمد، وأبي ثور بما تقدم في رواية البخاري: "وتوضئي لكل صلاة"، وفي حديث أسماء: "وتتوضئين فيما بين ذلك". ولأنها طهارة ضرورية لاستمرار الحدث فتقتصر، وذهب العترة وأبو حنيفة إلى أن طهارتها مقدرة بالوقت فلها أن تجمع بين فريضتين تأدية وما شاءت من القضاء والنفل، واحتج الإِمام المهدي في "البحر" على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث فاطمة: "توضئي لوقت لكل صلاة"، وقد عرفت أن الرواية "وتوضئي لكل صلاة بدون ذكر الوقت" قال المصنف -رحمه الله تعالى- في "الفتح": وعلى قولهم المراد بقوله "لكل صلاة" لوقت كل صلاة فيكون من مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل. وعند المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحدثٍ آخر.
ثم اعلم أن المستحاضة لها أحكام الطاهر في معظم الأحوال فيجوز لزوجها وطؤها عند الجمهور، وحكاه ابن المنذر في "الإِشراف" عن ابن عباس وابن المسيب والحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير وقتادة وحماد بن أبي سليمان وبكر بن عبد الله المزني والأوزاعي والثوري ومالك وإسحاق وأبي ثور.
قال ابن المنذر: وبه أقول.
قال: ورويناه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "لا يأتيها زوجها"، وبه قال النخعي والحكم. وكرهه ابن سيرين، وقال أحمد: لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها، وفي رواية عنه أنه لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها العنت.
والمختار ما قدمناه عن الجمهور، والدليل عليه ما روى عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها، رواه أبو داود بإسنادٍ حسن.
وقال البخاري في "صحيحه": قال ابن عباس: "المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت، الصلاة أعظم".