خف على الحامل من بعض الأمتعة فلا يتعبه، كالشيء الثقيل، وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة، وهذه سهلة عليها، مع أنها تثقل في الميزان كثقل الشاق من التكاليف، وقد سئل بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة، وخفة السيئة فقال: لأن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت، فلا يحملنك ثقلها على تركها، والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت، فلا تحملنك خفتها على ارتكابها.

والحديث فيه دلالة على ثبوت الميزان، وأنه ميزان له لسان وكفتان، ويميل بالأعمال، وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على ثبوته، والحمل على الحقيقة هو المتبادر من اللفظ عند الإطلاق، والحمل على المجاز إنما هو يكون عند تعذر حمل اللفظ على معناه الحقيقي، وقد ذهب إلى ذلك أهل السنة قاطبة، [وأنكره] (أ) الجمهور من المعتزلة، وقال المصنف رحمه الله تعالى حكاية عن أبي إسحاق الزجاج (?): أنكرت المعتزلة الميزان وقالوا: هو عبارة عن العدل. [فخالفوا] (ب) الكتاب والسنة؛ لأنه أخبر تعالى أنه يضع الموازين لوزن الأعمال؛ ليرى العباد أعمالهم ممثلة ليكونوا على أنفسهم شاهدين. وقال ابن فورك (1): أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها؛ إذ لا تقوم بأنفسها قال: وقد روى بعض المتكلمين عن ابن عباس أن الله تعالى يقلب الأعراض أجساما فيزنها. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015