والمنفرد والمأموم، فلم يكن ذلك من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلًا، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن، وخصص بعضهم ذلك بصلاتي الفجر والعصر، ولم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء بعده، ولا أرشد إليه أمته، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضًا من السنة بعدهما. قال: وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها وأمر بها فيها. قال: وهذا اللائق بحال المصلي، فإنه مقبل على ربه يناجيه، فإذا سَلَّم منها انقطعت المناجاة وانتهى موقفه وقربه، فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه وهو مقبل عليه، ثم يسأل إذا انصرف عنه؟! ثم قال: لكن الأذكار الواردة بعد المكتوبة يستحب لمن أتى بها أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن يفرغ منها، ويدعو بما شاء ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية، وهي الذكر لا لكونه دبر الصلاة المكتوبة.
ويجاب من حديث مسلم بأن المراد بالنفي المذكور نفي استمراره جالسًا على هيئته قبل السلام إلا مقدار ما يقول ما ذكر، وبينت أنه كان إذا صلى أقبل بوجهه على أصحابه، فيحمل ما ورد من الدعاء بعد الصلاة على أنه كان يقول بعد أن يقبل بوجهه على أصحابه، وهذا ما قاله ابن القيم من النفي مطلقًا؛ بأن ذلك قد ثبت عن معاذ بن جبل، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا معاذ، إني والله أحبك، فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (?). وحديث أبي بكرة في قوله: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وعذاب القبر". كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهن دبر كل صلاة، أخرجه