الوسط بين الوقاحة -التي هي الجرأة على القبائح وعدم المبالاة بها- والخجل الذي هو [انحسار] (أ) النفس عن الفعل مطلقًا. واشتقاقه من الحياة، فإنه انكسار يعتري القوة الحيوانية فيردها عن أفعالها، فقيل: حيي الرجل. كما قيل: نسي وحشي إذا اعتَلَّت نساه. أي عرق النَّساء، وحشا أي قلبه. وهذا المعنى الحقيقي لا يصح في حق الله تعالى، فهو مجاز مرسل في ترك الرد. أيْ لا يردهما. والعلاقة أن التَّرك لازم للانقباض؛ كاستعمال الرحمة في الإنعام اللازم بمعناها الحقيقي، ويحتمل أن يكون من باب الاستعارة التمثيلية، وهو أنه شبه حاله تعالى في إجابة الدعاء أنه لا يختلف عن ذلك بحالة من يستحي من ردِّ سائله فيعطيه ما مسألة.
وقوله: "صفرًا". أي خالية، وهو بكسر الصاد المهملة وسكون الفاء.
وفي قوله: "إذا رفع يده". دلالة على استحباب رفع اليد في الدعاء، وقد ذهب بعض إلى أن رفع اليد إنما هو مشروع في دعاء الاستسقاء، وتمسك بحديث أنس (?): لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء. وهو حديث صحيح، ولكنه يراد بنفي الرفع هو الرفع الذي وقع في الاستسقاء، وهو حتى يُرى بياض إبطيه، لا مطلق الرفع، ففي الاستسقاء الرفع إلى حد الوجه، وفي غيره يكون الرفع إلى حد المنكبين، وقد رُوي في غير الاستسقاء أنه رفع إلى أن رُئي بياض إبطيه، ويجمع بينهما بأن رؤية اليباض في غير الاستسقاء أقل منها في