وظاهر الحديث أن الغيبة ليس من شرطها أن تكون في حق الغائب، فإن قوله: "ذكرك أخاك بما يكره". يشمل الحاضر والغائب، وقد ذهب إلى هذا جماعة. ويكون هذا الحد الأثري لها بيان معناها الشرعي. وأما اللغوي، فالاشتقاق من الغيب يدل على أنها لا تكون إلا في الغيبة. ورجح تقي الدين وغيره، أن معناها الشرعي موافق للغوي، وروى حديثًا مسندًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما كرهت أن تواجه به أخاك فهو غيبة" (?). فيكون هذا مخصصًا لحديث أبي هريرة.
قال ابن فورك في "مشكل القرآن" في تفسير "الحجرات": الغيبة ذكر العيب بظهر الغيب. وقال سليم الرازي في "تفسيره": الغيبة أن يذكر الإنسان من خلفه بسوءٍ وإن كان فيه. وكذا ذكر الزمخشري (?)، وأبو نصر القشيري في "تفسيره"، والمنذري (?)، والكرماني (?)، وابن خميس (أ) في جزءٍ مفرد له في الغيبة، والإمام المهدي صرح بذلك في "الأزهار"، ولعل المستند هو الحديث المتأيد بالاشتقاق. وأما ذكر العيب في الوجه فهو كذلك حرام؛ لما فيه من الأذى. وذكر الأخ يدل على أن من لم يكن أخًا فلا يكون عيبه غيبة، وأما الكافر الحربي فإيذاؤه جائز، إلا أن يكون بانتقاص الخلقة، فالأولى عدم الجواز؛ لأن في ذلك انتقاصًا بفعل خالقها الذي أحسن كل