للمحكوم له ذلك المال، وكذا لو شهدا بقتل لم يحل لولي الدم الإقصاص، أو بزوجية امرأة لم تحل للمحكوم له، فحكم الحاكم صواب؛ لأنه قد حكم بما يجب الحكم به في الظاهر، وهو غير مطالب بالتفتيش عن جلية الحال، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في حق المتلاعنين: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" (?). ولو شاء الله لأطلع رسوله - صلى الله عليه وسلم - على باطن أمر الخصمين بيقين، فلا يكون حكمه مخالفًا لما في نفس الأمر من غير حاجة إلى شهادة أو يمين، ولكن لما أمر الله تعالى أمته - صلى الله عليه وسلم - باتباعه، والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه، أجرى له حكمهم في عدم الاطلاع على باطن الأمور؛ ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه، فأجرى الله تعالى حكمه في ذلك على الظاهر، الذي يستوي فيه هو وغيره؛ ليصح الاقتداء به، وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن، وقد ذهب إلى ما دل عليه الحديث الجمهور من علماء الإِسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، إلا في الأحكام التي يوقعها الحاكم، وذلك مثل بيع مال المفلس إذا باعه لقضاء دينه بعد أن ظهر للحاكم إفلاسه، فإنه ينفذ باطنًا وظاهرًا, ولو كان في نفس الأمر موسرًا؛ لأن امتناعه من القضاء يبيح (أ) بيع ماله لقضاء غريمه، وكذا في فسخ اللعان فإنه ينفذ ظاهرًا وباطنًا ولو (ب) كان الزوج كاذبًا عليها في نفس الأمر، والخلاف لأبي حنيفة أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرًا وباطنًا، فلو حكم الحاكم بشهادة زور أن هذه المرأة زوجة فلان حلت له عند أبي حنيفة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015