يسمع جواب المجيب، ولا يجوز له أن يبني الحكم على سماع دعوى المدعي قبل أن يسمع جواب المجيب، (أفإن حكم أ) قبل سماع الآخر عمدًا لم يصح قضاؤه، وكان قدحًا في عدالته، وإن كان خطأ لم يكن قدحًا وأعاد الحكم على وجه الصحة. وهذا حيث أجاب الخصم، فإن سكت عن الإجابة، أو قال: لا أقر ولا أنكر. فقال في "البحر" الإِمام يحيى، وعن مالك: يحكم عليه (ب) الحاكم لتصريحه بالتمرد، وإن شاء حبسه حتى يقر أو ينكر. وقال أبو العباس: بل يلزمه الحق بسكوته، إذ الإجابة تجب فورًا، فإذا سكت كان كنكوله. (جـ قلنا: النكول جـ) الامتناع من اليمين. وهذا ليس كذلك، وأحد قولي المؤيد بالله وابن أبي ليلى: بل يحبس حتى يقر أو ينكر، ولا يحكم عليه. قلنا: التمرد كاف في جواز الحكم، إذ الحكم شرع لفصل الشجار ودفع الضرار. انتهى. والأولى أن يقال: إن ذلك حكمه حكم الغائب، فمن أجاز الحكم على الغائب أجازه على الممتنع عن الإجابة؛ لاشتراكهما في عدم الإجابة.
والحديث فيه دلالة على أنه لا يحكم على الغائب لعدم سماعه لكلام الخصم، وقد ذهب إلى هذا زيد بن علي وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، قالوا: ولأنه لو كان الحكم جائزًا على الغائب لم يكن الحضور واجبًا. وذهب الهدوية والمؤيد بالله ومالك والليث والشافعي وابن شبرمة والأوزاعي وإسحاق وإحدى الروايتين عن أحمد إلى أنه يجوز الحكم على الغائب،