واستبعده الرُّوياني (?) وغيره؛ لمخالفته ظاهر الحديث وللمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم، وكان الأولى أن يقال: إنه يختص بما إذا أدى الغضب إلى عدم تمييز الحق من الباطل، فهو سبب النهي، وإن كان الغضب دون ذلك فإن قلنا بتحريم الحكم مع هذا، كان اعتبار الغضب المطلق لأنه منضبط، وهذا غير منضبط، فتعلق الحكم بالمظنة، وسواء وجد معها المأمنة أو لا، فلا فرق بين مراتب الغضب؛ كالسفر المعتبر للقصر، والإفطار وإن لم توجد المشقة، فلو حكم في حال الغضب وصادف الحق نفذ الحكم وصح، وهذا مع القول بأن النهي للكراهة ظاهر، وإن كان للتحريم فكذلك أيضًا، إذا لم يكن فيه ذلك على وجه الجرأة، وإلا كان قادحًا في العدالة، فلا يصح الحكم لكونه لم يكن عدلًا، وقال بعض الحنابلة: لا ينفذ الحكم في حال الغضب لثبوت النهي، والنهي يقتضي الفساد. ولكنه متعقب بأن الصحيح أن النهي لا يقتضي الفساد إلا إذا كان النهي لذات المنهي أو لوصف ملازم، وهنا (أ) النهي لوصف مفارق للمنهي عنه، فإنه إنما نهى لما يؤدي إلى تشويش (ب) الخاطر، فيكون كالنهي عن البيع وقت النداء للجمعة، وبعضهم قال: ينفذ إذا كان الغضب بعد أن قد استبان له الحق، وإلا لم ينفذ. وهذا القول خارج عن محل النزاع، ويقاس على القضاء في حال الغضب غيره من المشوشات للخاطر؛ كالجوع والعطش وغلبة النعاس، وسائر ما يشغل القلب عن