لي لا يختلف قولهم أن معاذًا أخذ منهم دينارًا عن كل بالغ منهم، وسموا البالغ حالمًا، قالوا: وكان في كتاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع معاذ أن على كل حالم دينارًا. وكذلك روى الشَّافعي (?)، عن مطرف بن مازن قال: ليس أن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أخذ من النساء ثابتًا عندنا. وأمَّا ما رواه عبد الرَّزاق (?)، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ أن على كل حالم أو حالمة دينارًا، فمعمر إذا روى عن غير الزُّهريّ يغلط كثيرًا. والله أعلم. وقد حمله ابن خزيمة إن كان محفوظًا على أخذها منها إذا طابت بها نفسًا.
وقوله: معافريًّا. بفتح الميم؛ أي ثيابًا منسوبة إلى معافر، وهي بلد باليمن واسم أبي حي بن هَمدان تنسب إليها الثياب، وأعلم أن ظاهر سياق حديث معاذ وحديث بريدة مر أنَّه يجب قبول الجزية ممن بذلها ويحرم قتله، ويفهم من قوله سبحانه وتعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (?). أن غاية وجوب قتال أهل الكتاب إلى إعطاء الجزية، وينقطع وجوب القتال بذلك، وأمَّا جوازه وعدم قبول الجزية فلا تدل عليهما الآية، إلَّا أنَّه إذا كان الأمر بالقتال مغيًّى بهذه الغاية، فينتفي الأمر عند حصول الغاية، وإذا انتفى الأمر كان محصورًا؛ لأنَّه يرجع إلى التحريم العقلي لإيلام الحيوان، فلا يكون ذلك مباحًا؛ لعدم دليل الإباحة. والله أعلم (?).