وذهب الشافعي إلى أنها لا تقبل إلا من أهل الكتاب والمجوس عربا كانوا أو عجمًا، وذلك لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (?). بعد ذكر أهل الكتاب، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (?). وما عداهم فداخلون في عموم قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (?). وقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (?). والحديث وارد قبل الفتح بدليل الأمر بالتحول والهجرة، والعموم في الآيات بعد الهجرة، فيكون الحديث عمومه منسوخًا، أو يتأول أن: "عدوك". يراد به من كان من أهل الكتاب، وهم يسمون مشركين، وذهب العترة وأبو حنيفة إلى أن الجزية لا تقبل من العربي غير الكتابي؛ لعموم قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}. وتقبل من الكتابي ومن العجمي وإن كان غير كتابي، قال في "البحر": لأنه أمر تعالى بالقتل ولم يذكر الجزية. ولا يخفى ضعف الاحتجاج.

وقوله: "ذمة الله و (أ) ذمة نبيه". الذمة هي عقد الصلح والمهادنة، وهذا نهي تنزيه لا تحريم، والظاهر أن ذلك إجماع، وإنما وقع النهي لأنه ينقض الذمة من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا يعرف التحريم وسواد الجيش، وإلا فنقض الذمة محرمة على كل حال، سواء كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015