"سنن أبي داود" وغيرهما (?)، لأنه تفسير للخصال الثلاث، وقال المازري (?): ليست ["ثم" هنا زائدة، بل] (أ) دخلت لاستفتاح الكلام. وفيه دلالة على وجوب الدعاء إلى الإسلام. وقد تقدم الكلام عليه في الحديث الذي قبله.
وقوله: "ثم ادعهم إلى التحول ... " إلى آخره. فيه دلالة على أنه يندب الهجرة من البادية التي لا يكون فيها من يعلم شرائع الدين، ولا يجب ذلك، وفيه دلالة على أن الفيء والغنيمة لا يستحقها إلا المهاجرون، وأن الأعراب لا حق لهم فيها، وأن حقهم في سهم الفقراء والمساكين من الزكاة، وقد ذهب إلى هذا الشافعي وقال: لا يعطى أهل الفيء من الزكاة، ولا أهل الزكاة من الفيء. وقال مالك وأبو حنيفة وهو مذهب الهدوية: إن المالين على سواء، ويجوز صرف كل واحد منهما في مصرف الآخر. وقال أبو عبيد (?): هذا الحديث منسوخ، قال: وإنما كان هذا الحكم في أول الإسلام لمن لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (?). وهذا الذي ادعاه من النسخ لا يسلم له.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فسلهم الجزية ... " إلى آخره. والحديث فيه دلالة على أن الجزية تقبل من كل كافر سواء كان عربيًّا أو عجميًّا، كتابيًّا أو غير كتابي؛ لعموم قوله: "عدوك". وقد ذهب إلى هذا مالك والأوزاعي وغيرهما،