تستحب ولا تجب، إلا أن يغلب على رزقها الحرام، وجب الخروج لطلب الحلال؛ فإن طلب الحلال فريضة. واختار الإِمام المهدي واستقر به لمذهب الهدوية (?) أنها تجب الهجرة عن دار الكفر وعن دار الفسق إلى خلي عما هاجر لأجله، أو ما فيه دونه، بنفسه وأهله إلا لمصلحة أو عذر. واحتج بما تقدم من الحديث، وقد حكي وجوب الهجرة عن دار الفسق للقاسم وأسباطه، وذكره المؤيد بالله، قال: وهو الظاهر من مذهب أهل البيت. وقال أكثر المعتزلة وأكثر الفقهاء وحكاه في "الكافي" عن السادة أنها لا تجب الهجرة عن دار الفسق. ودليل من أوجب من دار الفسق القياس على دار الكفر بجامع ظهور المعاصي فيهما, ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل". أخرجه (أ). ويجاب بمعارضة الأحاديث التي مرت، والله أعلم.
وقوله: "ولكن جهاد ونية". قال الطيبي وغيره (?): هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله، والمعنى: أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة [على] (ب) الأعيان إلى المدينة أنقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية، وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر، والخروج في طلب العلم، والفرار بالدين من الفتن، والنية في