الحديث فيه دلالة على وجوب الهجرة من دار المشركين.
1053 - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية". متفق عليه (?).
قوله: "لا هجرة". أي من مكة، "بعد الفتح". أي فتح مكة. والحديث يدل بمفهومه على أن الهجرة قبل الفتح كانت ثابتة مشروعة، وأنه لم يبق لها ذلك الحكم لمن هاجر بعد الفتح، والهجرة من مكة إلى المدينة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجمعت الأمة على وجوبها، حتى قال البغوي والواحدي: إنها شرط في الإِسلام. وذلك لقلة المسلمين بالمدينة واحتياجهم إلى الاجتماع، فلما فتح الله سبحانه مكة دخل الناس في دين الله أفواجا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة، وبقى فرض الجهاد والنية.
واختلف العلماء في الهجرة من غير مكة؛ فقال أبو عبيد (?): لا تجب الهجرة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من أسلم من العرب بالمهاجرة إليه ولم ينكر عليهم مقامهم ببلدهم، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث سرية قال لأميرهم: "إذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال -أو: ثلاث خلال- فأيتهن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك، أن لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم، فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجرى عليهم حكم الله الذي