وظاهر الحديث: وإن لم يتضررا بفقده. وظاهره سواء كان الجهاد فرض عين في حقه أو فرض كفاية، ونسبه المصنف (?) رحمه الله تعالى إلى جمهور العلماء، وقال: إنه يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن. وذهب بعض الهدوية أنه لا يسقط عنه إلا إذا تضرر الوالدان، وكان كفاية، لا إذا تعين عليه فهو فرض عين، وبر الوالدين كذلك فيتعارضان، ولعلهم يتفقون على تقديم الجهاد؛ لأن مصلحته لحفظ الدين، وهو مقدم على حفظ مصلحة البدن، ولعله يكون هذا من باب التخصيص بالمعنى المعتبر المناسب.
وقد أخرج ابن حبان (?) من طريق أخرى عن عبد الله بن [عمرو] (أ): جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن أفضل الأعمال، قال: "الصلاة"، ثم قال: مه؟ قال: "الجهاد". فقال: إن لي والدين. فقال: "آمرك بوالديك خيرًا". فقال: والذي بعثك نبيًّا لأجاهدن ولأتركنهما. قال: "فأنت أعلم". وهذا متمسك لما ذهب إليه بعض الهدوية، ويحتمل أن يكون هذا في الجهاد المتعين على المذكور جمعًا بين الدليلين، ولا فرق لين أن يكون الولد حرًّا أو رقيقا؛ لوجوب البر في حق الجميع، ولو أذن السيد للعبد لم يكف، ويقاس على الجهاد خروج الولد لتعلم العلم أو نحوه من الواجبات، ويفترق الحال بين كونه فرض عين أو فرض كفاية على الخلاف الذي مر.