لم يدفعه عن نفسه. ومنهم من قال: يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله، وهو معذور إن قتل أو قتل. وذهب جمهور العلماء والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين، وحملت هذه الأحاديث الواردة على من ضعف عن القتال، أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحق. وبعضهم قال بالتفصيل: وهو أنه إذا كان القتال بين طائفتين لا إمام لهم فالقتال حينئذ ممنوع، وتنزل الأحاديث على هذا، وهو قول الأوزاعي. وقال الطبري: إنكار المنكر واجب على من يقدر عليه، فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل عليه الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها. وذهب البعض إلى أن الأحاديث وردت في حق ناس مخصوصين، وأن النهي مخصوص بمن خوطب بذلك: وقيل: إن النهي إنما هو في آخر الزمان حيث يحصل التحقيق، والمقاتلة إنما هي طلب الملك، وقد أتى هذا في حديث ابن مسعود، قال: قلت: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: "أيام الهرج". قلت: ومتى؟ قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه" (?).
وفي قوله: "فكن عبد الله المقتول، ولا تكن القاتل". فيه دلالة على أنه لا يجب المدافعة عن النفس بل ظاهر النهي التحريم، إلا أن قوله في حديث خالد: "فإن استطعت". يدل على أنها لا تحرم المدافعة، وكذلك قوله: "كخير ابني آدم". فيحمل النهي على الكراهة دون التحريم. والله أعلم.
1047 - وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل دون ماله فهو شهيد". رواه الأربعة وصححه الترمذي (?).