أبو علي الفارسي (?) أن بعضهم رواه بضم الهمزة وكسر المعجمة، وهو غلط.
وقوله: إلا قضيت لي. إلا للاستثناء، وهو استثناء مفرغ من مفعول أسأل المأخوذ من مفعول معنى أنشدك، والمعنى: لا أسألك إلا القضاء بكتاب الله، ودخل لفظ "إلا" على الفعل المؤول بالمصدر، وإن لم يكن معه حرف مصدري لضرورة افتقار المعنى إليه؛ كما في: تسمع بالمعيدي. و: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (?). ويصح أن يقال: إن الحرف المصدري مقدر. وإن لم يكن هذا من المواضع التي يقدر فيها الحرف، إلا أنه قد جاء في غيرها قليلًا، وجوز المصنف رحمه الله أن تكون "إلا" جواب القسم، قال (?): لما فيها من معنى الحصر، وتقديره: أسألك بالله لا تفعل شيئًا إلا القضاء. انتهى.
وهذا فيه تجوّز؛ لأن الجواب هو المنفي المقدر، والاستثناء من متعلقات المقدر، وليس هو الجواب في الحقيقة، وسؤال الأعرابي القضاء بكتاب الله؛ لأن مقصده بالمناشدة المسارعة [إلى ما طلب] (أ) من إراحته من الخصومة، والمبادرة إلى الالتذاذ بحكم الشريعة السمحة، فقوله: بكتاب الله. لم يكن له مفهوم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حكمه إلا بما أوحي إليه، فذكره إنما هو لما