التخصيص، والقياس كذلك مؤيد، مع أن الآيات إذا تأمل الفطن لسياقها وجدها لا تتناول الإماء، فإن قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. في حق الحرائر، فإن افتداء الأمة إلى سيدها لا إليها، وكذا قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} (?). فجعل ذلك إلى الزوجين، والمراد به العقد، وفي الأمة ذلك يختص بسيدها، وكذا قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (?). والأمة لا فعل لها في نفسها، مع أن ابن سيرين لم يجزم بذلك وأخبر به عن رأيه، والرواية عن مكحول لم يذكر لها ابن حزم سندًا، وإنما حكاه عن أحمد عنه، فلم يبق معهم أحد من السلف إلا رأي ابن سيرين المعلق على عدم سنة متبعة.

وفي الاعتداد بالأشهر في حق الصغيرة والآيسة ثلاثة أقوال وهي للشافعي، وهي ثلاث روايات عن أحمد، فأكثر الروايات أنها شهران. رواه عنه جماعة من أصحابه، وهو إحدى الروايتين عن عمر بن الخطاب. ذكرها الأثرم وغيره عنه. وحجة هذا القول أن عدتها بالأقراء حيضتان، فجعل كل شهر مكان حيضة. والقول الثاني: أن عدتها شهر ونصف. نقلها عنه الأثرم والميموني. وهذا قول علي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن المسيب، وأبي حنيفة، والشافعي في أحد أقواله. وحجته أن التنصيف في الأشهر ممكن فينصف بخلاف. والقول الثالث أن عدتها ثلاثة أشهر كوامل. وهو إحدى الروايتين عن عمر، وقول ثالث للشافعي. وحجة هذا القول أن العدة إنما هي لأجل براءة الرحم، وهي لا تحصل بدون ثلاثة أشهر في حق الحرة والأمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015