احتج به في "البحر" بأن الإمساك بالمعروف مترتب على الرجعة فيكون التسريح مرتبا عليها، فالجواب عنه أنه لم يكن في اللفظ ما يدل على الحصر، وأنه لا يقع الطلاق إلا بعد الرجعة، وإنما غاية ذلك أنه تعريف للحكم المشروع المأذون فيه من دفع الضرار، مثل قوله تعالى: {فَطلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. فكما وقع الطلاق عند خلاف ذلك كما في حديث ابن عمر كذلك في هذه الحالة، وإنما يستقيم الاحتجاج على أصل من لا يقول بوقوع البدعي، وإذا تأملت ما تلوناه عليك من حجج الفريقين لم يخف عليك الراجح من المذهبين، فهذا نهاية إقدام الفريقين في هذا المقام الضنك والمعترك الصعب، وبالله التوفيق.

وأما المذهب الرابع الذي فرقوا بين المدخول بها وغيرها، فحجتهم ما وقع في رواية أبي داود كما تقدم (?): أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ الحديث، ومن جهة القياس أنه إذا قال: أنت طالق. بانت منه بذلك، فإذا أعاد اللفظ لم يصادف محلًّا للطلاق فكان لغوًا، وجعلوا هذا تأويلًا لحديث عمر. والجواب عنه ما مر من ثبوت ذلك مطلقًا في حق المدخولة وغيرها، وقد ورد في ذلك آثار؛ فأخرج سعيد بن منصور والبيهقي (?) عن أنس بن مالك، قال عمر بن الخطاب في الرجل يطلق ثلاثًا قبل أن يدخل بها، قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكحَ زوجًا غيرَه. وأخرج البيهقي (?) من طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015