أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك. وظهر مما قررناه بطلان ما قال المازري (?): وزعم بعضهم أن هذا الحكم منسوخ، وهو غلط، فإن عمر لا ينسخ، ولو نسخ -وحاشاه- لبادر الصحابة إلى إنكاره، وإن أراد القائل أنه نسخ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يمتنع، لكن يخرج عن طاهر الحديث. انتهى.

ثانيها: أن الحديث مضطرب، قال القرطبي في "المفهم" (?): وقع فيه مع الاختلاف عن ابن عباس الاضطراب في لفظه، وظاهر سياقه أن هذا الحكم منقول عن جميع أهل ذلك العصر، والعادة تقضي أن يظهر ذلك وينتشر، ولا ينفرد به ابن عباس، فهذا يقضي التوقف من العمل بظاهره، إن لم يقتض القطع ببطلانه.

ثالثها: أن هذا الحديث ورد في صورة خاصة، وهو في قول المطلق: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وهو أنه كان في عصر النبوة وما بعده الناس في سلامة الصدور والصدق في الأمور، إذا ادعى أحدهم أن اللفظ الثاني تأكيد لما قبله، لا تأسيس طلاق آخر، قبلت دعواه وصدق في ذلك، ورأى عمر تغير أحوال الناس وكثرة الدعاوى الباطلة، فرأى من المصلحة أن يجري المتكلم على ظاهر قوله، ولا يصدق في دعوى ضميره، ولا بأس في ذلك، فهو في الحقيقة عمل بمقتضى اللفظ حقيقة، وقد أشار إلى هذا ابن [سريج] (أ) ولم يجزم به، وارتضاه القرطبي (?)، قال النووي (1): وهو أصح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015