وفي الرواية الأخرى للبخاري: "إذا باتت المرأة مهاجرة" (?). ظاهره المفاعلة من الجانبين، والظاهر أنه ليس شرطًا في (أ) ذلك، وأن المراد إذا هجرت وهي ظالمة له؛ بأن تكون هي البادئة بالهجرة، فهجرها غضبًا منها، أو هجرته هي من دون أن يحصل منه هجر، وأمَّا لو بدأها بالهجرة ظالمًا لها فلا. ووقع في رواية لمسلم: "إذا باتت هاجرة". بلفظ اسم الفاعل.

وقوله: "لعنتها الملائكة". فيه دلالة على أن منع الحقوق في الأبدان كانت أو في الأموال مما يوجب سخط الله تعالى، إلّا أن يتغمدها بعفوه، وأنه يجوز لعن العاصي المسلم إذا كان على وجه الإرهاب عليه؛ لئلا يواقع المعصية، فإذا واقع المعصية دعي له بالتوبة والهداية. كذا قال المهلب. قال المصنف (?) رحمه الله: ليس هذا التقييد مستفادا من الحديث، بل من أدلة أخرى. ثم قال: [والحق أن] (ب) من منع اللعن أراد به معناه اللغوي، وهو الإبعاد من الرحمة، وهذا لا يليق أن يُدعى به على المسلم، بل يطلب له الهداية والتوبة والرجوع عن المعصية. والذي أجازه أراد به معناه العرفي، وهو مطلق السب، ولا يخفى أن محله إذا كان بحيث يرتدع العاصي به وينزجر، ولعن الملائكة لا يلزم منه جواز اللعن منّا، فإن التكليف يختلف. انتهى.

ويفهم منه أن الملائكة تدعو على أهل المعاصي ما داموا فيها، وذلك يدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015