واستفزه الغضب، وأراد التأديب لها بالهجر، فيهجرها في المضجع، ولا يتحول عنها إلى دار أخرى، أو يحولها إليها، والله أعلم.
وقوله: وعلق البخاري بعضه. قال البخاري بعد أن بوب: باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن: ويذكر عن معاوية بن حيدة يرفعه (أ): "ولا تهجر إلَّا في البيت". والأول أصح. فقول البخاري: والأول أصح. يعني أن إسناد رواية (ب) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هجر نساءه إلى المشربة شهرًا (?) - أصح إسنادًا من حديث معاوية.
والمراد أن الهجران يجوز أن يكون في البيوت، وفي غير البيوت، والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال؛ فربما كان الهجران في البيوت أشدَّ من الهجران في غيرها، وبالعكس، بل الغالب أن الهجران في غير البيوت آلم للنفوس وخصوصًا النساء؛ لضعف نفوسهن. واختلف أهل التفسير في المراد بالهجران؛ فالجمهور على أنه ترك الدخول عليهن والإقامة عندهن، على ظاهر الآية. وهو من الهجران، يعني البعد. وقيل: يضاجعها ويوليها ظهره. وقيل: يمتنع من جماعها. وقيل: يجامعها ولا يكلمها. وقيل: من الهجر وهو الإغلاظ في الكلام. وقيل: من الهجار، وهو الحبل الذي يربط به البعير، أي أوثقوهن في البيوت. قاله الطبري واستدل له (جـ)، ووهاه ابن العربي (?).