وأعلم أنَّه يلزم الحنفية أن يجوزوا الجمع بين المرأة وعمتها؛ لأنهم يقدمون (أ) العمل بعموم الكتاب على أخبار الآحاد؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (?)، إلَّا أن صاحب "الهداية" من الحنفية انفصل عن هذا بأن هذا الحديث مشهور، والمشهور له حكم القطعي، ولا سيما مع الإجماع من الأمة وعدم الاعتداد بالمخالف. والرضاع حكمه حكم النسب، وقد روي عن الهادي أنَّه أحل ذلك من الرضاع، وقد أجيب بأن الهادي إنَّما قصد الفرق بين الرضاع والنسب في العلة، وأمَّا الحكم فواحد.
وأعلم أن هذا الحكم قد روي عن جماعة من الصّحابة، إلَّا أنَّه قال الشَّافعي (?): إن أهل العلم لا تثبت إلَّا الرّواية عن أبي هريرة. قال البيهقي (?): هو كما قال؛ قد جاء من حديث علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن [عمرو] (ب) وأنس وأبي سعيد وعائشة، وليس فيها شيء على شرط الصَّحيح، وإنَّما اتفقا (?) على إثبات حديث أبي هريرة، وأخرج البُخاريّ (?) حديث جابر من رواية عاصم عن الشعبي عن جابر، وبين الاختلاف على الشعبي فيه، وقال: والحفاظ يرون رواية عاصم خطأ، والصّواب رواية ابن عون وداود بن أبي هند. انتهى.