ذلك عند الهدوية؛ لأنه باشتراط الاختيار مدة معلومة يصير المستثنى في حكم المعلوم، وذلك حيث كان المبيع مختلفًا، وأما إذا كان مستويًا فإنه لا يصح، لعدم استقرار المبيع، وكذا إذا كان المستثنى مشاعًا مثل: إلا ربعها أو ثلثها. فإنه يصح، ومنع مالك أن يستثنى ما يزيد على الثلث.
وأما إذا باع الصُّبرة من الطعام أو الثمر من الشجر واستثنى آصُعًا فإنه يبطل البيع عند الجمهور من العلماء، وقال مالك وجماعة من علماء المدينة: يجوز ذلك ما لم يزد على قدر ثلث المبيع. وقال أبو مضر من الهدوية: إنه يصح الاستثناء. وظاهر كلامه مطلقًا.
والوجه في النهي عن الثنيا هو الجهالة، وما كان معلومًا انتفت فيه العلة فخرج عن حكم النهي، وقد نبه النص على العلة بقوله: إلا أن تعلم. وقول أبي مضر قريب إن لم يكن قد سبقه الإجماع، والله أعلم.
642 - وعن أنس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة. رواه البخاري (?).
قوله: عن المحاقلة. تقدم الكلام فيها.
قوله: والمخاضرة. هو بالخاء والضاد المعجمتين، وهي مفاعلة من الخضرة، والمراد به بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها، قال يونس بن القاسم (?): المخاضرة بيع الثمار قبل أن تطعم والزرع قبل أن يشتد ويفرك منه.
وقد اختلف العلماء فيما يصح بيعه من الثمار وما لا، فالزرع أو الثمر إذا كان قد بلغ الحد الذي ينتفع به، ولم يكن قد صلح بأخذ الثمر ألوانه واشتداد الحب؛ فذهب زيد بن علي والمؤيد بالله وأبو حنيفة والشافعي إلى