أوجه أصحها فيما قاله ابن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح.
والثاني المنع وبه قطع الماوردي.
والثالث وبه قال الإِمام الحكمي واختاره الأصبحي صاحب المغني على أنه يبني على ما إذا حلف لا أكلم فلانًا. فكاتبه أو راسله، والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار، وإن قلنا يحنث صح.
قال السيد نور الدين بن علي السمهودي: والبناء ضعيف إذ الملحوظ في الأيمان العرف، وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة. والحق صحة الاستئجار للسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء عنده، انتهى.
وأما النذر بالزيارة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فعلى ما تقدم من الإشارة إلى أنها واجبة، فالنذر لازم عند الجميع، وعلى القول بأنها سنة فعلى ما ذهب إليه الهادوية، وذكره الأزرقي لمذهب الهادي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجب الوفاء إلا بما جنسه واجب والزيارة جنسها ليس بواجب فلا يلزم الوفاء بالنذر، وعلى ما ذهب إليه القاسم الراسي وصاحب الوافي ومالك والشافعي وهو ظاهر قول المؤيد بالله أنه يجب الوفاء بما جنسه قربة وإن كان غير واجب، والزيارة جنسها قربة فيجب الوفاء بها.
قال القاضي ابن كج من أصحاب الشافعي: إذا نذر أن يزور النبي - صلى الله عليه وسلم - فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور غيره فيه وجهان، والقطع في زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوجوب هو الحق لأنها قربة مقصودة للأدلة الخاصة، وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته - صلى الله عليه وسلم - كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف كوجوب الوقوف بعرفة، وإنما كان في زيارة غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهان لأن جنس الزيارة ليس بقربة محضة فإنها قد تكون مباحة كزيارة آحاد الناس الأحياء فاحتمل عدم اللزوم، واحتمل اللزوم لأن زيارة القبور قربة عن نفسها مرغب فيها.