وقوله "إِلا أنا حُرُم" هو بفتح الهمزة في "أنا حرم" وحرم بضم الحاء والراء أي: محرمون.

والحديث فيه دلاله على أن المحرم لا يحل له أكل الصيد، وظاهره مطلقًا لأنه علله بكونه محرمًا، وأجاب عنه من جوز ذلك -كما تقدم- بأنه صاده لأجل النبي - صلى الله عليه وسلم - لحديث جابر، وفي ذلك جمع بين الأحاديث، وفي الحديث دلالة على أنه ينبغي قبول الهدية وإبانة المانع من قبولها إذا كان تطيبًا لقلب المهدي.

واعلم أنه وقع الخلاف في الروايات كما عرفت في كون المُهْدَي لحمًا أو حمارًا حيًّا، وفي تعيين ذلك اللحم حتى قال البيهقي (?) في رواية: "عجز حمار، وهو بالجحفة فأكل منه": "هذا إسناد صحيح فإن كان محفوظًا فكأنه رد الحي وقبل اللحم"، وقال الشافعي (?): فإن كان الصعب أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - الحمار حيًّا فليس للمحرم ذبح حمار وحشي، وإن كان أهدى لحم الحمار فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيد له فرده عليه وإيضاحه في حديث جابر وحديث مالك: "أنه أهدى له حمارًا" أثبت من حديث: "أنه أهدى له من لحم حمار" وقد اعترض ابن القيم على رواية: "فأكل منه" وهي شاذة منكرة، واستقوى رواية من روى: "لحما" لأن راويها حقق بقوله: "يقطر دمًا" ولأنها لا تنافي رواية من روى: "حمارًا" لأنه قد سمى الجُزء باسم الكل وهو شائع في اللغة، ولأن الروايات اتفقت على أنه بعض من أبعاض الحمار، وإنما وقع الاختلاف في ذلك البعض ولا تناقض بينهما، فإنه يمكن أن يكون المهدي الشق الذي فيه العجز الذي فيه رجل مع أنه قد رجع ابن عُيينة عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015